GHASSOUL
  معركة محجوبة
 


جـــــــوان 1957

 مــــدخل :
لقــد كان لثـــــورة التحـرير الأثر العميــــق في نفــوس الشعب الجزائري الذي احتضـــنها بإيمان وإخلاص طلبا للنصــر والاستقــلال ولم يتـــأخر في بـــذل النفـس والنفيس من أجل تحرير البلاد والعبـــاد مـن سيطـرة الاستعمار الفرنسي الغاشم وبعد أن قطعت الثــــورة شوطا كبيرا من تاريخ انـــدلاعها لقــــن خــلاله جيش الاحتلال للعدو دروسا في البطـــولات والشجـــاعة في العديد من المناسبات عبر كــامل التراب الوطني ومن بينها بلدية الغاسول التابعة لولاية البيض التي لم تدخر جهدا في دفع المسار الثوري إلى الأمام من خلال المعـــارك التي خاضها أبناؤه مسجلين بذلك أروع الأمثلة في التضحية والفداء في كثير من المرات .
المــــوقع :
تقع منطقة محجوبة بتراب بلدية الغاسول في الناحية الشمالية الغربية على مسافة 13 كلم عن مقر البلدية يحدها من الشمال المغسل ومن الشرق خناق بوجلال ومن الجنوب مرتفع صخري يدعى حمر خده ومن الغرب رصاف لحمام وتتميز هذه المنطقة بالوعورة نظرا لطابعها الصخري وكثرة الأودية الصغيرة بها وهي منطقة كانت مغطاة بالحلفاء وأشجار الكلأ المتنوعة .
سير المعركة :
بعد التحضير المادي والمعنوي لهذه المعركة والذي دام قرابة الشهرين بمشاركة كتيبة تتكون من 120 مجاهدا بقيادة المجاهد بن زكري ورفاقه نذكر منهم المجاهد البطل النعيمي النعيمي , بوشنافة بنعامر , عبدلي محمد , براجع الشيخ , بن هرقال الطيب, قوحمراني أمحمد وآخرون الذين كانوا محملين بسلاح معنوي وآخر مادي تمثل في رشاش 24 فرنسية الصنع ورشاش ماط 49 فرنسي الصنع ومجموعة مختلفة من البنادق مثل بنادق الصيد وذات عشر طلقات الإنجليزية وذات ست طلقات الإيطالية وذات أربع طلقات الفرنسية ومجموعة من القنابل اليدوية دفاعية وهجومية تم الحصول عليها عن طريق الشعب وغنائم العمليات .
 كان المجاهدون مرابطين في الناحية الأولى ومتوجهين إلى منطقة الصبيحي ببلدية عين لعراك بعدما أبلغوا بأن القوات الفرنسية قضت على المجاهدين الذين أتوا بالسلاح من المغرب وقتلت 40 جنديا على أكثر تقدير حيث أطلقت النار ودوت الأصوات إعلانا بأن المجاهدين مازالوا في المنطقة ثم توجه المجاهدون إلى منطقة محجوبة وهم في تعبئة يومية من صباح كل يوم وفي يوم من الأيام لاحظ المجاهدون تحركات الجيش الفرنسي المرابط في الغاسول يقارب عددهم 1500 جندي مدججين بأسلحة ثقيلة من طائرات مستكشفة ومقنبلة ومروحيات ودبابات ومدفعية وعدد من الشاحنات والسيارات العسكرية حيث حاصروا المنطقة من الجهة الجنوبية على امتداد كيلومترين وقد بدأوا التمشيط في الوقت الذي توزع فيه المجاهدون على كامل المنطقة من حاسي بالخضر غربا إلى خناق محجوبة شرقا . مع العلم أن أحداث هذه المعركة كانت في شهر جوان 1957 الذي صادف عيد الأضحى المبارك.  
سمح المجاهدون للعدو المرابط بمنطقة الغاسول بالمرور إلى وسط الضلعة التي كانوا متمركزين بها حيث كان عدد المجاهدين حوالي 140 مجاهدا أمطروا العدو بوابل من الرصاص وتمكنوا من قتل نصف الفرقة ولم يهلك أحد من المجاهدين نضرا لتموقعهم الجيد في الوقت الذي وصلت فيه إمدادات عسكرية فرنسية قادمة من البيض مرورا بمنطقة المغسل وصولا إلى خناق محجوبة مدججة بأسلحة متطورة جدا 04 طائرات إضافة إلى الدبابات ومدفعية الميدان وأسلحة يدوية متطورة جدا .
قامت طائرات العدو بقصف الضلعة الغربية أين تتواجد ( لبياسة ) الوحيدة للمجاهدين حيث قتلت طائرة العدو 07 شهداء حيث انقض المجاهدون على العدو بعدما دخلوا إلى وسط الكمين من الناحية الشرقية أين كان المجاهدون متمركزين على عكس اعتقاد العدو الذي قتل منه الكثير ابتداء من قائد العملية الذي هو رائد في الجيش الفرنسي امتدت المعركة حتى حل الظلام أين انسحب المجاهدون منتصرين إلى منطقة التوليل قاصدين جبل بودرقة أين دعم المواطنون المجاهدين بالمؤونة وعلاج الجرحى .
نتائج المعركة:
استشهد سبعة من أعضاء جيش التحرير الوطني منهم : شبير الطيب , منصوري عبد العزيز , بقاني أحمد وبقية الشهداء لم نتمكن من معرفة أسمائهم
 أما قوات العدو فقد تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد تمثلت في 180 قتيلا وعدد كبير من الجرحى وتحطم طائرة بجبل كسال وحرق دبابة وعددا من الشاحنات. 
الشهيد جلا يلي بوزيان من مواليد 1922 ببلدية الغاســـــول ولاية البيض ابن علي بن محمد وأمه صحراوي غنية , هو خامس أخوته وأصغرهم ولد ليلة وفاة أبيه مما جعله يجسد تلك المتناقضات التي تزخـــر بها حياة البشر تربى في كنف والدته التي لم تدخر جهدا في تربيته والتي عرف عنهــا شدة انضبـاطها وحزمها ولعله الأمر الذي أضفى على شخصية الشهيد لمسات من الجد والإقــــدام منذ صغره وتعلقـــه بكبريات الأمور وكغيره من سكان منطقة الغاسول.
 ترعرع وسط بيئة طبــــيعية واجتـــماعية لا تعترف بالضعيف مما أكد لديه مبـــدأ الاعــتماد على النفس ضمن مجالات الحياة الواسعة , شب على احتراف مهنة الزراعة وتربية المـــــاشية كما هو الحــال في هذه المنطقة السهبية وتماشيا مع طبيعتها.
ولأنه جزائري ألف الحرية والانطلاق حازت في نفسه تلك الظروف القاسية التي كانت تعيشهــــا المنطقـــة بسبب الاستدمار الفرنسي الذي عاث في الأرض والعباد فسادا فظل الشهيد يتحين الفرصة للمشاركة في دفع الظلـــم والمشاركة في صفـــوف الثورة التي انفجرت كالبركان في وجه الاستعــــمار الغـــاشم .
ونظرا للتنظيمات الإستراتيجية التي اتبعتها الثورة الجزائرية تمكن الشهيد من الالتحـــاق بصفوف المنظمة المدنـــــية لجيش التحرير الوطني حاملا على عاتقه مهمة التنسيق ما بين المجاهدين وصفوف المواطنين وذلك منـــــذ سنة 1959 حيث سخر الشهيد نفسه لخدمة الــوطن كغيره من الرفاق الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية الدفاع والجهاد , ووهبوا أنفسهم ثمنا للحرية والانعتاق وظل يقوم بالمهمة المنوطة به بإخلاص شديد رفقة صديقه الحميم الشهيد "طيبي عبد المالك" حيث كانا متلازمين يعملان جنبا إلى جنب يحركهما الشعور الوطني وواجب الدفاع عنه ونتيجة لإخلاصهما الشديد أصبح الاثنان محط أنظار ومتابعة الحاقدين والغيورين ونتيجة لظروف ثورية خاصة برزت على الســـاحة السياسية والتنظيمـــية للثــــورة كان الشهيد ضحية لها مما دفعه للاستشهاد وهو يعلم مصيره ورغم ذلك لم يتراجع ولم يتخاذل مقدما نفسه فداء للوطن والحرية مثل بقية الشهداء الذين آثروا الموت والشهــادة على حياة الذل والاحتقار , وفي خريف سنة 1961 التحق بوزيان بركب الشهداء الأبــــرار بالقرب من الغاسول تحت جبل "أولاد سليم" حيث مازالت رفاته لحد الساعة تراوح مكانها .

 
عاشت الجزائر حرة مستقلة المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
 
 
  Aujourd'hui sont déjà 1 visiteursIci!  
 
Ce site web a été créé gratuitement avec Ma-page.fr. Tu veux aussi ton propre site web ?
S'inscrire gratuitement